الاثنين، 5 نوفمبر 2012

إليها


الساعة الان تشير الي الثانية عشرة والنصف بعد منتصف ليل القاهرة,مر موعد نومي ولم تعرف الغفوة أو يعرف النعاس طريقهما الي عيوني... لا بأس قررت أن اكتب إليك رغم أني أدري الناس بان رسالتي هذه لن تصلك ,ولكن شيئا ما يؤرقني ويمنع الراحة من التسلل
إلي جسدي حتي أكتب هذه الكلمات.
إنني مدين لكِ يا سيدتي بهذا الاهتمام العظيم الذي لم يجد في قلبي مساحة تناسب عظمته وأبي لساني الا أن يقف حذرا أمام كلماتك الدافئة.. ولكن قلمي أبي الصمت ومل السكوت فصرخات عينيك الشاحبتين هي مداد القلم .. والحزن والغضب المكتومين في هاتين اللؤلئتين
هما أمر للأفكار أن تتدفق في ذهني ولا تهدأ الا حين تصب في دفتر كتاباتي.
يا سيدتي ان وجهك الملائكي قد اخنفي وحل محله قناع أشبه بوجوه البشر المعتادة المليئة بالأحزان .. والموج الأزرق في عينيك قد اخنفي وحلت جداول داكنة اللون تغمر الحدقتين .. لم نعهدك هكذا فما الذي جري؟
ان لسانك  يأبي الحديث ولكن هيهات فيداك المرتعشتان في حركتمما أبلغ تعبيرا وأشد وقعا في نفسي من أي عبارة أو أحاديث.انه الخوف والظلم والقهر الذي قتل روح الطفلة المرحة البريئة داخلك وأخفي قسمات وجهك الملائكية عن أعيننا .. نعم أعرف هذا الخوف الذي يقف خلف كلماتك وحركاتك ونظراتك , انه الخوف الذي يصنعه الرجال في بلادنا المسماة مجازا
بلاد العرب .. انه قهر وظلم الرجل الذي ظن أن عقد القران هو صك عبودية المرأة العربية .
يا سيدتي ان الضعف الذي أصاب سائر جسدك لن تجدي معه روشتة أدوية يكتبها طبيب بارع .. ولن تفلح معه قائمة أطعمة عربية دسمة ..ان لم تقضي علي ما تبقي  منكِ.
   يا سيدتي ان صمتك عن المطالبة بحقك في أن تعاملي كإنــســـــانـة لا كجارية هو سبب أصيل في حالة الموت البطيءالتي تصيبك .. يا سيدتي لطالما قضيت ما عليك من واجبات فلا تنتظري شكرا أو تقديرا منه فهذا حال بلادنا وهذه طبيعة أغلب رجالنا.
يا سيدتي ان وعيك واحساسك بقيمة ذاتك النبيلة هو أهم ما تحتاج اليه نفسك المعذبة بين جنبات هذا السجن .. ولن تجدي أي محاولات للتعرف علي اسباب ثانوية تبدو ذات أهمية طالما نجاهلتي المكون  الأساسي وهو ذاتك التي تحتاج منط الحب أكثر من أي وقت مضي وربما هذا
الحب يهدي اليك حلولا لم تطرق أبوابها يداك.
يا سيدتي انك تعرفين عني مقدارا من الأشياء أقل ما يوصف به أنه عظيم في قدره وعدده وأنا لا أعرف عنك الا القليل واللقاء بيننا مرات وقوعه معدوده ..ولكن صمتك عن أحوالك قد فضحته عيناك التي جفت أنهار الدموع في مقلتيها, يري عابر السبيل فيهما الحزن والغربة بين الأهل ولا يدري السبب الا
 ذو البصيرة .
فاعذريني ان لم تشف كلماتي جرحك المفتوح ولكني أثق أنها ستمنع نهر الحزن من  أن يصب في قلبك ولو لدقائق معدوده.. فهذا قدر الكاتب يا سيدتي لم يعرف من الحيلة والسحر الا سطورا مرصوصة من الكلمات. تحياتي