الاثنين، 29 أكتوبر 2012

قطار التعساء وبي ام دبليو السعداء.. منشورة غدا في عرب تايمز


تبدو عليه اثار الزمن , فأبوابه غير موجودة وكراسيه عبارة عن قطع معدنية تخلو من الاسفنج أو القطن المخصص للجلوس , دائما يعج بالركاب , ومنظره من بعيد يوحي بأنه أتوبيس نقل عام .. هذا كان وصف مختصر لقطار الدرجة الثالثة أو قطار الغلابة في مصر . فالمعروف عنه سعر تذكرته الرخيص , لذا تلجأ اليه الغالبية المطحونة من الشعب  تجنبا للتكلفة المرتفعة لوسائل المواصلات الاخري. وبالرغم من كل عيوبه يتحمله الناس ويعتبرونه الخيار الأفضل بالرغم من أنه لا يفي الغرض الأساسي من استخدامه وهو سرعة الوصول للمكان المطلوب... هكذا حال القطار وهكذا هي التعاسة : عبارة عن قطار قديم موجود علي ظهر الأ رض قبل أن يخترعوا القطار .. قطار التعاسة لا يحتاج الي تكلفة عالية لكي تستخدمه فنحن بالطبيعة نميل للشجن والحزن أكثر من ميلنا الي الفرح والسعادة .. فتجد الأغاني ذات الطابع الحزين هي صاحبة الاهتمام الأعلي لدي جمهور المستمعين الذين يفسرون ذلك بأنها ترصد أحزانهم بالرغم من أنهم أحوج الي ما ينسيهم أحزانهم ويدخل الفرحة الي قلوبهم!
قطار التعاسة بطيء كقطارات الدرجة الثالثة , تستقله حتي تصل للراحة النفسية فاذا به يستهلك طاقتك خلال مشواره الطويل , وتغادره والارهاق والتعب يسري داخل شرايينك . وأضرار قطار التعاسة لا تتوقف علي الجانب النفسي فحسب بل تتخطي الي ذلك عابرة الي الجانب المادي فهي تدمر الصحة وتصيب الانسان بالامراض المزمنة كالضغط والقلب والسكر تماما كما تنقل حالة الزحمة بقطارات الدرجة الثالثة الأمراض التي يحملها ركابها.
 وركاب قطار التعاسة حالهم حال ركاب قطارات الدرجة الثالثة .. دائما يعيشون حالة المقارنة بينهم وبين من هم أفضل حالا منهم –من وجهة نظرهم- وهي بلا شك مقارنة ظالمة لاختلاف مستويات التفكير والذكاء والثقافة والصحة بينهم . ( لاحظ أنني لم أذكر المال لأن السعيد بالمال هو شخص سعيد في جانب واحد فقط وهو المال).
ويملك ركاب قطار التعاسة قوة جذب غير عادية للتشاؤم والاحباط واليأس والسلبية , ولا تغادر الشكوي ألسنتهم .. وبعد قصيدة طويلة من الشكوي يختتمون حديثهم ب ( الحمد لله ).
وعلي يالعكس فالسعداء هم فئة قليلة العدد مثلهم مثل راكبي سيارات البي ام دبليو .. لهم جاذبية خاصة تشعر بها فور دخولهم المكان تمام مثل جاذبية مظهر سيارة البي ام وسط حشد من أتوبيسات النقل العام.. السعداء اختاروا بي ام السعادة لأنها ستوفر لهم الراحة وتجنبهم الازدحام وأضراره وأثاره  السيئة وستصل بهم الي المكان المطلوب في وقت قصير جدا بالمقارنة بقطار التعاسة.. للسعداء أناشيدهم وترانيمهم الخاصة التي تعبر عن حالة السعادة والفرح بداخلهم, ولسانهم يحمل مفتاح السعادة " الحمد لله" يرددونها في أي حال , دائما يتذكرون أن كل شيء في هذه الحياة لحظي وقابل للتغيير فلا يتشبثون به تشبث الغرقي بطوق النجاة .. فقط هم يستمتعون به طالما كان موجودا, وان ولي فهم يدركون تماما أن هذا ميعاد رحيله فلا يتباكون عليه ويكملون استمتاعهم بما بين أيديهم.
ما أسهل أن تنضم الي قطار التعاسة فقط لا يحتاج منك الا جلسة منفردة مع النفس تتذكر فيها الام الماضي وبعد دقائق ستغادر محطتك الحالية ويقلك قطار التعاسة.. وما أسهل أيضا أن تقللك بي ام السعادة فقط استمتع بالموجود واشكر خالقك عليه وتفاءل خيرا وقتها ستجد روحكوجسدك قد غادرا قطار التعاسة .. فالحمد لله الحمد لله الحمد لله.

الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012

يا عزيزي كلهم قطع شطرنج....http://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?Action=&Preview=No&ArticleID=29074

لكواليس هي المنطقة التي يجب الابتعاد عنها , لا تقتربوا منها .. بل لا تتحدثوا عنها. كل ما عليكم في الحياة أن تشاهدوا المسرحية .. أن تصفقوا وتهللوا لأبطالها , أن تبكوا وتضحكوا وفقا لايقاع النص المسرحي ؛ لكن حذاري أن تسألوا عما خلف الكواليس . هذه هي الحياة التي نعيشها مطلوب منا أن نتوقف عن التفكير وأن نرفض الرفض وأن نسير وفقا لما أرادوا, المطلوب أن نكون قطع شطرنج تحركنا أيديهم لنسير وفقا لأهواءهم . لا تعرف قطع الشطرنج الرفض فهي لا تجيد قول "لا" , لم نسمعها يوما تنطق من الأساس فلا تذهبوا بعيد وتسألوا " هل تجيد قطع الشطرنج التفكير؟".
ان العالم لم يعد يرحب بالأذكياء , فالنسخ المميزة من البشر لا تجد من يحتضنها ويقدرها ويعليها .. بالعكس أضحت كل علامة تدل علي تميزك .. علي اعمالك لعقلك بمثابة تمرد وشذوذ عن الواقع , يعتبرونها حلة من التمرد والعصيان للواقع يجب أن تقمع. نعم يا سادة فالقمع هو مصير الأذكياء وأصحاب النسخ المميزة في العالم .. ولماذا يقبلهم العالم ولماذا يحتضنهم ؟ فهم دائما مشاغبون أحرار لا يعرفون القيود .. عاشقون للمرح , يقاتلون من أجل الحب لا من أجل الحرب , يهربون الي السعادة لا من السعادة . أخبروني كيف يقبلهم العالم المليء بالبشر كارهي التغيير , الذين لا يخشون شيئا قدر خشيتهم من التغيير .
 البشر الحاليون عاشقون للقيود ومن أجل التخفيف من صدمة القيود يمنحونها أسماء أكثر لطفا وأقل حدة مثل: العيب والتقاليد والموروث والمقدس والخط الأحمر والمحظور واللحم المر. وأحيانا كثيرة يتستروا بقيودهم خلف عباءة الدين. لن يقبل أهل العالم المزيد من النسخ المميزة لأن البشر بطبيعتهم يهربون من شاطيء السعادة الي بحر لجي اسمه الحزن والشجن حيث يسهل عليهم مواساة أنفسهم .. لأنهم يعشقون لعب الضحية المغلوبة علي أمرها فتسقط عن عاتقهم المسئولية . يلومون أجسادهم حينما يصيبهم المرض ولا يلومون أنفسهم لأنهم أهملوا أجسادهم فأضحت فريسة سهلة بين أنياب ومخالب المرض. ان النظام العالمي السري الذي يحكم العالم من خلف الكواليس يقوده رجال أعمال وشركات أدوية وشركات أغذية وسياسيون مبكافيلليون .. هؤلاء جميعا لا يعرفون الا لغة المصالح ولا يريدون لأحد أن يغرد خارج السرب أو أن يفكر ويبدع شيئا جديدا يدمر مملكتهم ويقطع عنهم أرباح شركاتهم , ولأجل ذلك سلطوا أغبياء علي أناس أكثر غباءا.. فأوكلوا المهمة الي قطع شطرنج وألبسوها حلة تستر خلفها حقيقتها ..
والحلل أشكال وألوان : الرئيس والملك والأمير والعالم والصحافي.. وبفضل شدة غباء أهل الارض فالمهمة تسير في الطريق الصحيح . انظر يا عزيزي الي النابهين والنابغين الذين أجادوا لغة الرفض كيف عاشوا وكيف ماتوا؟ .. ستجد حياتهم مبيئة بالمعارك مع قطع الشطرنج .. فلو أردت أن تكون سيدا لنفسك مستقلا في تفكيرك فاستعد للمعارك وسلح نفسك بالبحث والتفكير والاكتشاف.. والا فأهلا بك يا عزيزي الي جوار الأعزاء من قطع الشطرنج.

الحلقة المفقودة.. http://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?Action=&Preview=No&ArticleID=29059

يبقي ما تفتقده أنفسنا هو الأعز والأهم والأكثر قدسيه في حياتنا برغم أننا لا نملكه! .. نبحث دائما عن الموجود ونهيئ لأنفسنا أننا نبحث عن المفقود! قال لي صديقي: سأشعر بالسعاده حينما أملك طائره خاصه وأسطول سيارات وقصر كبير يعج بالخدم . فسألته : إذن الآن أنت لست سعيدا صمت برهه ثم تحدث : أعتقد أن سعادتي مرهون حدوثها بالأشياء التي تلوتها عليك منذ لحظات. -إذن أنت تفتقد السعاده في حياتك؟ -"نعم لم تتحقق السعاده التي أتمناها بعد" ! سألته: وإذا لم تحصل عليها ؟ --رد بثقه:"سأحاول وإن لم يحدث فمن المؤكد أنني سأعيش ما تبقي من حياتي حزينا". هكذا بسهوله كتب علي نفسه الشقاء فيما تبقي من حياته ولم يسأل نفسه : كيف سيحصل علي السعاده التي حدد أسبابها؟ ما هو الطريق للقصر والأسطول والخدم؟! ..
 هكذا هي أحلامنا دائما ننطلق بها من النقطه الأرضيه التي نقف عليها ونصعد بها إلي عنان السماء، تماما كما في حكايات الأطفال يجد البطل الكنز فيصير غنيا ومن ثم سعيدا وتنتهي القصه. ونظل نعيش الحلم تلو الحلم ولا يتحقق كما رسمنا له .. تصدمنا صخره الواقع بقسوتها لنفيق علي كابوس الواقع .. لم نتوقف لمره لنبحث عن المفتاح السحري الذي يفتح أبواب السعاده فتتحقق الأحلام ، والحقيقه لا أراه مفتاحا بل هو أقرب إلي أن يكون "حلقه مفقوده" تصل بين النقطه الأرضيه التي نقف عليها وسننطلق منها وبين عنان السماء الذي نرغب في الصعود إليه.
 هذه الحلقه هي جسر نعبره لننتقل من منطقه "ما لا نريد" إلي منطقه "ما نريد".. وسامحهم الله من شوهوا أحلامنا البريئه فطمسوا أهم معالمها فأضحي شيئا مجهولا غريبا ننفر منه ونرفض الدخول في معمعته ومن ثم ضاع مكون هو الأهم في مكونات وجبه الأحلام، وظلت أحلامنا كما هي أحلام يقظه لا تعرف للخروج من حيز الأذهان إلي واقع الإنسان سبيلا ومن ثم أضحت الحلقه المفقوده بعدها أسلوب حياه. فأصبحت مشكلاتنا أمامنا كالجبال راسخه عاليه لا تتحرك ولا تنتهي إلا بالموت ، لأننا تعلمنا أن ننسف الجسر الذي يعبر بنا من بحر الأزمه إلي شاطئ الحل. ليتهم أخبرونا في طفولتنا أن بطل القصه قرر أن يكد ويتعب ويفكر حتي يصل لهدفه بدلا من المصباح السحري والجني وغيرهم من وسائل ليس لها في دنيانا مكان.
صرنا نماذج من صديقي الذي لم يسعد بالموجود ولم يعرف كيف يسعد به ولم يحاول أن يبحث ويفكر ويخطط للوصول إلي ما يريد أو علي الأقل يبحث ليعرف كيف يسعد بما لديه. عطلنا عقولنا عن التفكير وأقمنا حصونا منيعه ضد عدو اسمه التغيير وصرنا نتربص بجاسوس آخر اسمه التطوير .. منحنا إرادتنا إجازه مفتوحه بلا رجعه .. ثم نتعجب ونسأل كيف نخرت الشيخوخه عظامنا مبكرا؟ وكيف عرف اليأس والكسل طريقا لأجسادنا فأضحت حركتها ثقيله وكيف باتت سواعدنا في حاله أقرب إلي التخدير.. يأس الياس أن يتركنا والصبر لم يعد قادرا علي الصبر علي حالنا الذي ارتضيناه لأنفسنا فأخبر الأمل أن أجسادنا مقبرته ففر منها بلا عوده .. وندور في الدائره ولا زلنا نجهل الحلقه المفقوده!

ربح أوباما وخسرت الثورة .. منشورة في عرب تايمز في 23 يونيو 2012

المشهد : نهاري /خارجي
المكان : جامعة القاهرة
الرئيس مرسي يلقي بكلمة يفتتح بها فترته الرئاسية الأولي يشكر فيها تاجيش لحمايته الثورة ويؤكد علي عودة جميع السلطات المنتخبة.
                                                                       قطع
كان هذا هو مشهد الغسل والتكفين لجسد الضحية المأسوف عليها المسماة (ثورة 25 يناير) والتي لا يزال الكثير منابنائها ينكرون موتها ويؤكدون علي أن روحها لا تزال سارية في جسد الوطن المنهك. ولكن الحقيقة أنها ماتت وشبعت موت بعد تضييق الخناق عليها من كل الجوانب، قطع عنها الأكسجين الذي يساعدها البقاء  حية بالتدريج ووفق سيناريو محكم ومدروس ومعد بحرفية شديدة . لم تعده العقول التي نام أصحابها في أحضان السلطة منذ عقود حتي أصبح الكرسي فقط هو بيت القصيد بالنسبة لهم؛ بل أعدته عقول تقرأ وتبحث وتتعب من أجل أن لا تفقد نفوذها في المنطقة . أما عشاق الكرسي فعليهم القيام بدور الوكيل او المتعهد الذي يشرف علي رعيته أثناء التنفيذ.
أما المشهد الجنائزي للثورة من وجهة نظرى فهو المشهد الذي أعلن فيه مرسي عن عودة البرلمان بما يعني أن مصر قد تم تسليمها الي الاخوان المسلمين والسلفيين علي المفتاح بكامل التشطيبات.
                                   قراءة المشهدين:
*يعلم الجميع أن الاخوان تفاوضوا مع المجلس العسكري-خلال الفترة التي تلت جولة الاعادة وحتي اعلان النتيجة رسميا- علي الطريقة التي ستدار بها المرحلة المقبلة بعد اعلان حكم مرسي رئيسا، والمعلوم أيضا أنهم قد اتفقوا حتي علي التفاصيال الصغيرة مثل : عدم ترديد هتاف يسقط حكم العسكر أثناء حفل تنصيب مرسي بجامعة القاهرة وهو ما لم يحدث وأثار استياء العسكر. وهذا يقودنا الي ما يلي:
1-أن قرار عودة مجلس الشعب ليس قرارا ثوريا أو مستقلا ونابعا من ارادة مستقلة يتمتع بها رئيس من المفترض أنه يمثل كل المصريين فمرسي لم يتجرأ علي ذكر ذلك أثناء حملة الدعاية الانتخابية قبيل موعد جولة الاعادة، بل أعلن أنه يحترم أحكام القضاء .
2 – هذه العودة غير الحميدة لمجلس أهان الثورة كانت جزءا أساسيا من بنود جلسات التفاوض بين الاحوان والعسكر بدليل الثقة التي أعلن بها مرسي في خطابه بجامعة القاهرة عن عودة السلطات المنتخبة . أضف الي ذلك حضور الكتاتني في الصف الأول –ومن المفترض أنه لا يملك صفة رسمية- وحضور أعضاء البرلمان المنحل بدون صفة رسمية.
* واذا كان القرار غير اخواني المنبع وتم التنسيق له مع العسكر ووفقا لما ما ذكرته في البداية فليس هناك بد من  أن نعترف بأن من رسم سيناريو ادارة البالاد طوال عام ونصف هو نفسه من أعطي الضوء الأخضر لعودة البرلمان ، نعم هي الادارة الأمريكية التي قالت سفيرتها في القاهرة يوم 4يوليو : أن عودة البرلمان اصبحت ضرورية لحياة ديمقراطية.
وهذه هي النقطة الأهم التي تستحق التوقف أمامها، فالأيام والأحداث أثبتا أن الادارة الأمريكية كانت-ولا تزال- الطرف الأقوي والأكثر نفوذا ودهاءا في بلاد الربيع العربي –بما فيها مصر- حتي وان بدت بعيدة الصورة.
وضعت الادارة الأمريكية الخطو ونفذها المجلس العسكري وساعدهاعلي النجاح شهوة واشتياق الاخوان لمقاعد السلطة وانقسام وغباء القوي الثورية التي علينا أيضا أن نعترف أن الحظ قد جابها طوال الوقت ما عدا مرة وحيدة حينما تنحي مبارك بعد 18 يوما فقط من اندلاع الثورة.
هذه هي خلاصة المشهد ربحت أمريكا وأصبح نفوذها في مصر أقوي بكثير من نفوذها في العراق وأفغانستان واسرائيل للدرجة التي جعلتها لا تحتاج لعمل عسكري لتفرض به نفوذها كما كان الحال في الماضي والبركة في طرفي اللعبة الماريونيت من العسكر والحوان.
وخسرت الثورة وخسرت غالبية الشعب التي لا تنتمي للماريونيت .. خسر الشباب الطاهر الذي قام بالثورة ووجد نفسه خارج اللعبة تماما ، لا يناله منها أي مكسب فالمكاسب موزعه ومعروف أصحابها (أمريكا-الاخوان-العسكر).
والأمر الأكثر قسوة في تللك العبة هو أن الضحية  دائما لأي صراع أو اتفاق  في هذه اللعبة   مصر وشعبها ..