الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012

ربح أوباما وخسرت الثورة .. منشورة في عرب تايمز في 23 يونيو 2012

المشهد : نهاري /خارجي
المكان : جامعة القاهرة
الرئيس مرسي يلقي بكلمة يفتتح بها فترته الرئاسية الأولي يشكر فيها تاجيش لحمايته الثورة ويؤكد علي عودة جميع السلطات المنتخبة.
                                                                       قطع
كان هذا هو مشهد الغسل والتكفين لجسد الضحية المأسوف عليها المسماة (ثورة 25 يناير) والتي لا يزال الكثير منابنائها ينكرون موتها ويؤكدون علي أن روحها لا تزال سارية في جسد الوطن المنهك. ولكن الحقيقة أنها ماتت وشبعت موت بعد تضييق الخناق عليها من كل الجوانب، قطع عنها الأكسجين الذي يساعدها البقاء  حية بالتدريج ووفق سيناريو محكم ومدروس ومعد بحرفية شديدة . لم تعده العقول التي نام أصحابها في أحضان السلطة منذ عقود حتي أصبح الكرسي فقط هو بيت القصيد بالنسبة لهم؛ بل أعدته عقول تقرأ وتبحث وتتعب من أجل أن لا تفقد نفوذها في المنطقة . أما عشاق الكرسي فعليهم القيام بدور الوكيل او المتعهد الذي يشرف علي رعيته أثناء التنفيذ.
أما المشهد الجنائزي للثورة من وجهة نظرى فهو المشهد الذي أعلن فيه مرسي عن عودة البرلمان بما يعني أن مصر قد تم تسليمها الي الاخوان المسلمين والسلفيين علي المفتاح بكامل التشطيبات.
                                   قراءة المشهدين:
*يعلم الجميع أن الاخوان تفاوضوا مع المجلس العسكري-خلال الفترة التي تلت جولة الاعادة وحتي اعلان النتيجة رسميا- علي الطريقة التي ستدار بها المرحلة المقبلة بعد اعلان حكم مرسي رئيسا، والمعلوم أيضا أنهم قد اتفقوا حتي علي التفاصيال الصغيرة مثل : عدم ترديد هتاف يسقط حكم العسكر أثناء حفل تنصيب مرسي بجامعة القاهرة وهو ما لم يحدث وأثار استياء العسكر. وهذا يقودنا الي ما يلي:
1-أن قرار عودة مجلس الشعب ليس قرارا ثوريا أو مستقلا ونابعا من ارادة مستقلة يتمتع بها رئيس من المفترض أنه يمثل كل المصريين فمرسي لم يتجرأ علي ذكر ذلك أثناء حملة الدعاية الانتخابية قبيل موعد جولة الاعادة، بل أعلن أنه يحترم أحكام القضاء .
2 – هذه العودة غير الحميدة لمجلس أهان الثورة كانت جزءا أساسيا من بنود جلسات التفاوض بين الاحوان والعسكر بدليل الثقة التي أعلن بها مرسي في خطابه بجامعة القاهرة عن عودة السلطات المنتخبة . أضف الي ذلك حضور الكتاتني في الصف الأول –ومن المفترض أنه لا يملك صفة رسمية- وحضور أعضاء البرلمان المنحل بدون صفة رسمية.
* واذا كان القرار غير اخواني المنبع وتم التنسيق له مع العسكر ووفقا لما ما ذكرته في البداية فليس هناك بد من  أن نعترف بأن من رسم سيناريو ادارة البالاد طوال عام ونصف هو نفسه من أعطي الضوء الأخضر لعودة البرلمان ، نعم هي الادارة الأمريكية التي قالت سفيرتها في القاهرة يوم 4يوليو : أن عودة البرلمان اصبحت ضرورية لحياة ديمقراطية.
وهذه هي النقطة الأهم التي تستحق التوقف أمامها، فالأيام والأحداث أثبتا أن الادارة الأمريكية كانت-ولا تزال- الطرف الأقوي والأكثر نفوذا ودهاءا في بلاد الربيع العربي –بما فيها مصر- حتي وان بدت بعيدة الصورة.
وضعت الادارة الأمريكية الخطو ونفذها المجلس العسكري وساعدهاعلي النجاح شهوة واشتياق الاخوان لمقاعد السلطة وانقسام وغباء القوي الثورية التي علينا أيضا أن نعترف أن الحظ قد جابها طوال الوقت ما عدا مرة وحيدة حينما تنحي مبارك بعد 18 يوما فقط من اندلاع الثورة.
هذه هي خلاصة المشهد ربحت أمريكا وأصبح نفوذها في مصر أقوي بكثير من نفوذها في العراق وأفغانستان واسرائيل للدرجة التي جعلتها لا تحتاج لعمل عسكري لتفرض به نفوذها كما كان الحال في الماضي والبركة في طرفي اللعبة الماريونيت من العسكر والحوان.
وخسرت الثورة وخسرت غالبية الشعب التي لا تنتمي للماريونيت .. خسر الشباب الطاهر الذي قام بالثورة ووجد نفسه خارج اللعبة تماما ، لا يناله منها أي مكسب فالمكاسب موزعه ومعروف أصحابها (أمريكا-الاخوان-العسكر).
والأمر الأكثر قسوة في تللك العبة هو أن الضحية  دائما لأي صراع أو اتفاق  في هذه اللعبة   مصر وشعبها .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق