الاثنين، 5 نوفمبر 2012

إليها


الساعة الان تشير الي الثانية عشرة والنصف بعد منتصف ليل القاهرة,مر موعد نومي ولم تعرف الغفوة أو يعرف النعاس طريقهما الي عيوني... لا بأس قررت أن اكتب إليك رغم أني أدري الناس بان رسالتي هذه لن تصلك ,ولكن شيئا ما يؤرقني ويمنع الراحة من التسلل
إلي جسدي حتي أكتب هذه الكلمات.
إنني مدين لكِ يا سيدتي بهذا الاهتمام العظيم الذي لم يجد في قلبي مساحة تناسب عظمته وأبي لساني الا أن يقف حذرا أمام كلماتك الدافئة.. ولكن قلمي أبي الصمت ومل السكوت فصرخات عينيك الشاحبتين هي مداد القلم .. والحزن والغضب المكتومين في هاتين اللؤلئتين
هما أمر للأفكار أن تتدفق في ذهني ولا تهدأ الا حين تصب في دفتر كتاباتي.
يا سيدتي ان وجهك الملائكي قد اخنفي وحل محله قناع أشبه بوجوه البشر المعتادة المليئة بالأحزان .. والموج الأزرق في عينيك قد اخنفي وحلت جداول داكنة اللون تغمر الحدقتين .. لم نعهدك هكذا فما الذي جري؟
ان لسانك  يأبي الحديث ولكن هيهات فيداك المرتعشتان في حركتمما أبلغ تعبيرا وأشد وقعا في نفسي من أي عبارة أو أحاديث.انه الخوف والظلم والقهر الذي قتل روح الطفلة المرحة البريئة داخلك وأخفي قسمات وجهك الملائكية عن أعيننا .. نعم أعرف هذا الخوف الذي يقف خلف كلماتك وحركاتك ونظراتك , انه الخوف الذي يصنعه الرجال في بلادنا المسماة مجازا
بلاد العرب .. انه قهر وظلم الرجل الذي ظن أن عقد القران هو صك عبودية المرأة العربية .
يا سيدتي ان الضعف الذي أصاب سائر جسدك لن تجدي معه روشتة أدوية يكتبها طبيب بارع .. ولن تفلح معه قائمة أطعمة عربية دسمة ..ان لم تقضي علي ما تبقي  منكِ.
   يا سيدتي ان صمتك عن المطالبة بحقك في أن تعاملي كإنــســـــانـة لا كجارية هو سبب أصيل في حالة الموت البطيءالتي تصيبك .. يا سيدتي لطالما قضيت ما عليك من واجبات فلا تنتظري شكرا أو تقديرا منه فهذا حال بلادنا وهذه طبيعة أغلب رجالنا.
يا سيدتي ان وعيك واحساسك بقيمة ذاتك النبيلة هو أهم ما تحتاج اليه نفسك المعذبة بين جنبات هذا السجن .. ولن تجدي أي محاولات للتعرف علي اسباب ثانوية تبدو ذات أهمية طالما نجاهلتي المكون  الأساسي وهو ذاتك التي تحتاج منط الحب أكثر من أي وقت مضي وربما هذا
الحب يهدي اليك حلولا لم تطرق أبوابها يداك.
يا سيدتي انك تعرفين عني مقدارا من الأشياء أقل ما يوصف به أنه عظيم في قدره وعدده وأنا لا أعرف عنك الا القليل واللقاء بيننا مرات وقوعه معدوده ..ولكن صمتك عن أحوالك قد فضحته عيناك التي جفت أنهار الدموع في مقلتيها, يري عابر السبيل فيهما الحزن والغربة بين الأهل ولا يدري السبب الا
 ذو البصيرة .
فاعذريني ان لم تشف كلماتي جرحك المفتوح ولكني أثق أنها ستمنع نهر الحزن من  أن يصب في قلبك ولو لدقائق معدوده.. فهذا قدر الكاتب يا سيدتي لم يعرف من الحيلة والسحر الا سطورا مرصوصة من الكلمات. تحياتي

الاثنين، 29 أكتوبر 2012

قطار التعساء وبي ام دبليو السعداء.. منشورة غدا في عرب تايمز


تبدو عليه اثار الزمن , فأبوابه غير موجودة وكراسيه عبارة عن قطع معدنية تخلو من الاسفنج أو القطن المخصص للجلوس , دائما يعج بالركاب , ومنظره من بعيد يوحي بأنه أتوبيس نقل عام .. هذا كان وصف مختصر لقطار الدرجة الثالثة أو قطار الغلابة في مصر . فالمعروف عنه سعر تذكرته الرخيص , لذا تلجأ اليه الغالبية المطحونة من الشعب  تجنبا للتكلفة المرتفعة لوسائل المواصلات الاخري. وبالرغم من كل عيوبه يتحمله الناس ويعتبرونه الخيار الأفضل بالرغم من أنه لا يفي الغرض الأساسي من استخدامه وهو سرعة الوصول للمكان المطلوب... هكذا حال القطار وهكذا هي التعاسة : عبارة عن قطار قديم موجود علي ظهر الأ رض قبل أن يخترعوا القطار .. قطار التعاسة لا يحتاج الي تكلفة عالية لكي تستخدمه فنحن بالطبيعة نميل للشجن والحزن أكثر من ميلنا الي الفرح والسعادة .. فتجد الأغاني ذات الطابع الحزين هي صاحبة الاهتمام الأعلي لدي جمهور المستمعين الذين يفسرون ذلك بأنها ترصد أحزانهم بالرغم من أنهم أحوج الي ما ينسيهم أحزانهم ويدخل الفرحة الي قلوبهم!
قطار التعاسة بطيء كقطارات الدرجة الثالثة , تستقله حتي تصل للراحة النفسية فاذا به يستهلك طاقتك خلال مشواره الطويل , وتغادره والارهاق والتعب يسري داخل شرايينك . وأضرار قطار التعاسة لا تتوقف علي الجانب النفسي فحسب بل تتخطي الي ذلك عابرة الي الجانب المادي فهي تدمر الصحة وتصيب الانسان بالامراض المزمنة كالضغط والقلب والسكر تماما كما تنقل حالة الزحمة بقطارات الدرجة الثالثة الأمراض التي يحملها ركابها.
 وركاب قطار التعاسة حالهم حال ركاب قطارات الدرجة الثالثة .. دائما يعيشون حالة المقارنة بينهم وبين من هم أفضل حالا منهم –من وجهة نظرهم- وهي بلا شك مقارنة ظالمة لاختلاف مستويات التفكير والذكاء والثقافة والصحة بينهم . ( لاحظ أنني لم أذكر المال لأن السعيد بالمال هو شخص سعيد في جانب واحد فقط وهو المال).
ويملك ركاب قطار التعاسة قوة جذب غير عادية للتشاؤم والاحباط واليأس والسلبية , ولا تغادر الشكوي ألسنتهم .. وبعد قصيدة طويلة من الشكوي يختتمون حديثهم ب ( الحمد لله ).
وعلي يالعكس فالسعداء هم فئة قليلة العدد مثلهم مثل راكبي سيارات البي ام دبليو .. لهم جاذبية خاصة تشعر بها فور دخولهم المكان تمام مثل جاذبية مظهر سيارة البي ام وسط حشد من أتوبيسات النقل العام.. السعداء اختاروا بي ام السعادة لأنها ستوفر لهم الراحة وتجنبهم الازدحام وأضراره وأثاره  السيئة وستصل بهم الي المكان المطلوب في وقت قصير جدا بالمقارنة بقطار التعاسة.. للسعداء أناشيدهم وترانيمهم الخاصة التي تعبر عن حالة السعادة والفرح بداخلهم, ولسانهم يحمل مفتاح السعادة " الحمد لله" يرددونها في أي حال , دائما يتذكرون أن كل شيء في هذه الحياة لحظي وقابل للتغيير فلا يتشبثون به تشبث الغرقي بطوق النجاة .. فقط هم يستمتعون به طالما كان موجودا, وان ولي فهم يدركون تماما أن هذا ميعاد رحيله فلا يتباكون عليه ويكملون استمتاعهم بما بين أيديهم.
ما أسهل أن تنضم الي قطار التعاسة فقط لا يحتاج منك الا جلسة منفردة مع النفس تتذكر فيها الام الماضي وبعد دقائق ستغادر محطتك الحالية ويقلك قطار التعاسة.. وما أسهل أيضا أن تقللك بي ام السعادة فقط استمتع بالموجود واشكر خالقك عليه وتفاءل خيرا وقتها ستجد روحكوجسدك قد غادرا قطار التعاسة .. فالحمد لله الحمد لله الحمد لله.

الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012

يا عزيزي كلهم قطع شطرنج....http://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?Action=&Preview=No&ArticleID=29074

لكواليس هي المنطقة التي يجب الابتعاد عنها , لا تقتربوا منها .. بل لا تتحدثوا عنها. كل ما عليكم في الحياة أن تشاهدوا المسرحية .. أن تصفقوا وتهللوا لأبطالها , أن تبكوا وتضحكوا وفقا لايقاع النص المسرحي ؛ لكن حذاري أن تسألوا عما خلف الكواليس . هذه هي الحياة التي نعيشها مطلوب منا أن نتوقف عن التفكير وأن نرفض الرفض وأن نسير وفقا لما أرادوا, المطلوب أن نكون قطع شطرنج تحركنا أيديهم لنسير وفقا لأهواءهم . لا تعرف قطع الشطرنج الرفض فهي لا تجيد قول "لا" , لم نسمعها يوما تنطق من الأساس فلا تذهبوا بعيد وتسألوا " هل تجيد قطع الشطرنج التفكير؟".
ان العالم لم يعد يرحب بالأذكياء , فالنسخ المميزة من البشر لا تجد من يحتضنها ويقدرها ويعليها .. بالعكس أضحت كل علامة تدل علي تميزك .. علي اعمالك لعقلك بمثابة تمرد وشذوذ عن الواقع , يعتبرونها حلة من التمرد والعصيان للواقع يجب أن تقمع. نعم يا سادة فالقمع هو مصير الأذكياء وأصحاب النسخ المميزة في العالم .. ولماذا يقبلهم العالم ولماذا يحتضنهم ؟ فهم دائما مشاغبون أحرار لا يعرفون القيود .. عاشقون للمرح , يقاتلون من أجل الحب لا من أجل الحرب , يهربون الي السعادة لا من السعادة . أخبروني كيف يقبلهم العالم المليء بالبشر كارهي التغيير , الذين لا يخشون شيئا قدر خشيتهم من التغيير .
 البشر الحاليون عاشقون للقيود ومن أجل التخفيف من صدمة القيود يمنحونها أسماء أكثر لطفا وأقل حدة مثل: العيب والتقاليد والموروث والمقدس والخط الأحمر والمحظور واللحم المر. وأحيانا كثيرة يتستروا بقيودهم خلف عباءة الدين. لن يقبل أهل العالم المزيد من النسخ المميزة لأن البشر بطبيعتهم يهربون من شاطيء السعادة الي بحر لجي اسمه الحزن والشجن حيث يسهل عليهم مواساة أنفسهم .. لأنهم يعشقون لعب الضحية المغلوبة علي أمرها فتسقط عن عاتقهم المسئولية . يلومون أجسادهم حينما يصيبهم المرض ولا يلومون أنفسهم لأنهم أهملوا أجسادهم فأضحت فريسة سهلة بين أنياب ومخالب المرض. ان النظام العالمي السري الذي يحكم العالم من خلف الكواليس يقوده رجال أعمال وشركات أدوية وشركات أغذية وسياسيون مبكافيلليون .. هؤلاء جميعا لا يعرفون الا لغة المصالح ولا يريدون لأحد أن يغرد خارج السرب أو أن يفكر ويبدع شيئا جديدا يدمر مملكتهم ويقطع عنهم أرباح شركاتهم , ولأجل ذلك سلطوا أغبياء علي أناس أكثر غباءا.. فأوكلوا المهمة الي قطع شطرنج وألبسوها حلة تستر خلفها حقيقتها ..
والحلل أشكال وألوان : الرئيس والملك والأمير والعالم والصحافي.. وبفضل شدة غباء أهل الارض فالمهمة تسير في الطريق الصحيح . انظر يا عزيزي الي النابهين والنابغين الذين أجادوا لغة الرفض كيف عاشوا وكيف ماتوا؟ .. ستجد حياتهم مبيئة بالمعارك مع قطع الشطرنج .. فلو أردت أن تكون سيدا لنفسك مستقلا في تفكيرك فاستعد للمعارك وسلح نفسك بالبحث والتفكير والاكتشاف.. والا فأهلا بك يا عزيزي الي جوار الأعزاء من قطع الشطرنج.

الحلقة المفقودة.. http://www.arabtimes.com/portal/article_display.cfm?Action=&Preview=No&ArticleID=29059

يبقي ما تفتقده أنفسنا هو الأعز والأهم والأكثر قدسيه في حياتنا برغم أننا لا نملكه! .. نبحث دائما عن الموجود ونهيئ لأنفسنا أننا نبحث عن المفقود! قال لي صديقي: سأشعر بالسعاده حينما أملك طائره خاصه وأسطول سيارات وقصر كبير يعج بالخدم . فسألته : إذن الآن أنت لست سعيدا صمت برهه ثم تحدث : أعتقد أن سعادتي مرهون حدوثها بالأشياء التي تلوتها عليك منذ لحظات. -إذن أنت تفتقد السعاده في حياتك؟ -"نعم لم تتحقق السعاده التي أتمناها بعد" ! سألته: وإذا لم تحصل عليها ؟ --رد بثقه:"سأحاول وإن لم يحدث فمن المؤكد أنني سأعيش ما تبقي من حياتي حزينا". هكذا بسهوله كتب علي نفسه الشقاء فيما تبقي من حياته ولم يسأل نفسه : كيف سيحصل علي السعاده التي حدد أسبابها؟ ما هو الطريق للقصر والأسطول والخدم؟! ..
 هكذا هي أحلامنا دائما ننطلق بها من النقطه الأرضيه التي نقف عليها ونصعد بها إلي عنان السماء، تماما كما في حكايات الأطفال يجد البطل الكنز فيصير غنيا ومن ثم سعيدا وتنتهي القصه. ونظل نعيش الحلم تلو الحلم ولا يتحقق كما رسمنا له .. تصدمنا صخره الواقع بقسوتها لنفيق علي كابوس الواقع .. لم نتوقف لمره لنبحث عن المفتاح السحري الذي يفتح أبواب السعاده فتتحقق الأحلام ، والحقيقه لا أراه مفتاحا بل هو أقرب إلي أن يكون "حلقه مفقوده" تصل بين النقطه الأرضيه التي نقف عليها وسننطلق منها وبين عنان السماء الذي نرغب في الصعود إليه.
 هذه الحلقه هي جسر نعبره لننتقل من منطقه "ما لا نريد" إلي منطقه "ما نريد".. وسامحهم الله من شوهوا أحلامنا البريئه فطمسوا أهم معالمها فأضحي شيئا مجهولا غريبا ننفر منه ونرفض الدخول في معمعته ومن ثم ضاع مكون هو الأهم في مكونات وجبه الأحلام، وظلت أحلامنا كما هي أحلام يقظه لا تعرف للخروج من حيز الأذهان إلي واقع الإنسان سبيلا ومن ثم أضحت الحلقه المفقوده بعدها أسلوب حياه. فأصبحت مشكلاتنا أمامنا كالجبال راسخه عاليه لا تتحرك ولا تنتهي إلا بالموت ، لأننا تعلمنا أن ننسف الجسر الذي يعبر بنا من بحر الأزمه إلي شاطئ الحل. ليتهم أخبرونا في طفولتنا أن بطل القصه قرر أن يكد ويتعب ويفكر حتي يصل لهدفه بدلا من المصباح السحري والجني وغيرهم من وسائل ليس لها في دنيانا مكان.
صرنا نماذج من صديقي الذي لم يسعد بالموجود ولم يعرف كيف يسعد به ولم يحاول أن يبحث ويفكر ويخطط للوصول إلي ما يريد أو علي الأقل يبحث ليعرف كيف يسعد بما لديه. عطلنا عقولنا عن التفكير وأقمنا حصونا منيعه ضد عدو اسمه التغيير وصرنا نتربص بجاسوس آخر اسمه التطوير .. منحنا إرادتنا إجازه مفتوحه بلا رجعه .. ثم نتعجب ونسأل كيف نخرت الشيخوخه عظامنا مبكرا؟ وكيف عرف اليأس والكسل طريقا لأجسادنا فأضحت حركتها ثقيله وكيف باتت سواعدنا في حاله أقرب إلي التخدير.. يأس الياس أن يتركنا والصبر لم يعد قادرا علي الصبر علي حالنا الذي ارتضيناه لأنفسنا فأخبر الأمل أن أجسادنا مقبرته ففر منها بلا عوده .. وندور في الدائره ولا زلنا نجهل الحلقه المفقوده!

ربح أوباما وخسرت الثورة .. منشورة في عرب تايمز في 23 يونيو 2012

المشهد : نهاري /خارجي
المكان : جامعة القاهرة
الرئيس مرسي يلقي بكلمة يفتتح بها فترته الرئاسية الأولي يشكر فيها تاجيش لحمايته الثورة ويؤكد علي عودة جميع السلطات المنتخبة.
                                                                       قطع
كان هذا هو مشهد الغسل والتكفين لجسد الضحية المأسوف عليها المسماة (ثورة 25 يناير) والتي لا يزال الكثير منابنائها ينكرون موتها ويؤكدون علي أن روحها لا تزال سارية في جسد الوطن المنهك. ولكن الحقيقة أنها ماتت وشبعت موت بعد تضييق الخناق عليها من كل الجوانب، قطع عنها الأكسجين الذي يساعدها البقاء  حية بالتدريج ووفق سيناريو محكم ومدروس ومعد بحرفية شديدة . لم تعده العقول التي نام أصحابها في أحضان السلطة منذ عقود حتي أصبح الكرسي فقط هو بيت القصيد بالنسبة لهم؛ بل أعدته عقول تقرأ وتبحث وتتعب من أجل أن لا تفقد نفوذها في المنطقة . أما عشاق الكرسي فعليهم القيام بدور الوكيل او المتعهد الذي يشرف علي رعيته أثناء التنفيذ.
أما المشهد الجنائزي للثورة من وجهة نظرى فهو المشهد الذي أعلن فيه مرسي عن عودة البرلمان بما يعني أن مصر قد تم تسليمها الي الاخوان المسلمين والسلفيين علي المفتاح بكامل التشطيبات.
                                   قراءة المشهدين:
*يعلم الجميع أن الاخوان تفاوضوا مع المجلس العسكري-خلال الفترة التي تلت جولة الاعادة وحتي اعلان النتيجة رسميا- علي الطريقة التي ستدار بها المرحلة المقبلة بعد اعلان حكم مرسي رئيسا، والمعلوم أيضا أنهم قد اتفقوا حتي علي التفاصيال الصغيرة مثل : عدم ترديد هتاف يسقط حكم العسكر أثناء حفل تنصيب مرسي بجامعة القاهرة وهو ما لم يحدث وأثار استياء العسكر. وهذا يقودنا الي ما يلي:
1-أن قرار عودة مجلس الشعب ليس قرارا ثوريا أو مستقلا ونابعا من ارادة مستقلة يتمتع بها رئيس من المفترض أنه يمثل كل المصريين فمرسي لم يتجرأ علي ذكر ذلك أثناء حملة الدعاية الانتخابية قبيل موعد جولة الاعادة، بل أعلن أنه يحترم أحكام القضاء .
2 – هذه العودة غير الحميدة لمجلس أهان الثورة كانت جزءا أساسيا من بنود جلسات التفاوض بين الاحوان والعسكر بدليل الثقة التي أعلن بها مرسي في خطابه بجامعة القاهرة عن عودة السلطات المنتخبة . أضف الي ذلك حضور الكتاتني في الصف الأول –ومن المفترض أنه لا يملك صفة رسمية- وحضور أعضاء البرلمان المنحل بدون صفة رسمية.
* واذا كان القرار غير اخواني المنبع وتم التنسيق له مع العسكر ووفقا لما ما ذكرته في البداية فليس هناك بد من  أن نعترف بأن من رسم سيناريو ادارة البالاد طوال عام ونصف هو نفسه من أعطي الضوء الأخضر لعودة البرلمان ، نعم هي الادارة الأمريكية التي قالت سفيرتها في القاهرة يوم 4يوليو : أن عودة البرلمان اصبحت ضرورية لحياة ديمقراطية.
وهذه هي النقطة الأهم التي تستحق التوقف أمامها، فالأيام والأحداث أثبتا أن الادارة الأمريكية كانت-ولا تزال- الطرف الأقوي والأكثر نفوذا ودهاءا في بلاد الربيع العربي –بما فيها مصر- حتي وان بدت بعيدة الصورة.
وضعت الادارة الأمريكية الخطو ونفذها المجلس العسكري وساعدهاعلي النجاح شهوة واشتياق الاخوان لمقاعد السلطة وانقسام وغباء القوي الثورية التي علينا أيضا أن نعترف أن الحظ قد جابها طوال الوقت ما عدا مرة وحيدة حينما تنحي مبارك بعد 18 يوما فقط من اندلاع الثورة.
هذه هي خلاصة المشهد ربحت أمريكا وأصبح نفوذها في مصر أقوي بكثير من نفوذها في العراق وأفغانستان واسرائيل للدرجة التي جعلتها لا تحتاج لعمل عسكري لتفرض به نفوذها كما كان الحال في الماضي والبركة في طرفي اللعبة الماريونيت من العسكر والحوان.
وخسرت الثورة وخسرت غالبية الشعب التي لا تنتمي للماريونيت .. خسر الشباب الطاهر الذي قام بالثورة ووجد نفسه خارج اللعبة تماما ، لا يناله منها أي مكسب فالمكاسب موزعه ومعروف أصحابها (أمريكا-الاخوان-العسكر).
والأمر الأكثر قسوة في تللك العبة هو أن الضحية  دائما لأي صراع أو اتفاق  في هذه اللعبة   مصر وشعبها .. 

الخميس، 3 مايو 2012

قراءه نقديه في ترشح دكتور عبد المنعم أبو الفتوح لرئاسه مصر

)1(قبل عده سنوات نشرت صحيفه الحياه اللندنيه تقريرا يصف الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح بأنه المؤسس الثاني لجماعه الإخوان. في ذات التوقيت كانت القوي الليبراليه واليساريه تري أنه من غير المقبول وفقا لأيدولوجيتها وأفكارها التحرريه تأييد شخصيه تحمل الفكر الإخواني لتولي موقع رئيس مصر بل إن البعض منها كان يرفض إخلاء الدوائر الإنتخابيه في مجلس الشعب أمام مرشحي الإخوان والغالبيه من هذه القوي إذا خيرت بين الإخوان والوطني اختارت بقاء الوطني.

أما أبوالفتوح فلم يكن ذلك القيادي المتمرد بل كان مثالا للأخ العامل والممتثل لأوامر الجماعه ولا يخرج عن الصف حتي لو كان الأمر علي غير رأيه . ولنا أن نسأل متي خرج علينا أبوالفتوح ليخبرنا أنه لا يتفق في الرأي مع قرارات الجماعه ولكنه سيلتزم بمبدأ الشوري ومبدأ السمع والطاعه؟ ..بالعكس فالرجل طيله فتره الانتماء التنظيمي للجماعه لم ينطق ببنت شفه تخالف قرارات الجماعه، علي عكس د.جمال حشمت الذي خرج علينا في 2007 ليعلن رفضه أن يخوض الإخوان سباق المحليات متضامنا مع باقي القوي الوطنيه التي قاطعت إلا أنه سيلتزم بشوري الجماعه . إذن فأبو الفتوح إخواني حتي النخاع والأمر ليس انشقاقا وإنما رغبه في خوض الانتخابات بعيدا عن الإخوان وهذا نص كلام أبوالفتوح في مؤتمر المنوفيه
لا مشكله لدي في أن يخوض الرجل الإنتخابات فهذا حقه الدستوري ، المشكله تكمن في حاله الخداع الإعلامي التي يقودها أبوالفتوح وحملته وبعض المؤيدين له ..نعم هو الخداع الإعلامي الذي يحاولون من خلاله أن أبوالفتوح هو الأمل الأخير لمصر والملاذ الآمن من تشدد الإسلاميين وأنه الرجل الليبرالي الإسلامي العلماني اليساري في آن واحد.
هنا سأفند بالدليل كذب الإدعاءات التي تروج لأبو الفتوح ،وتعالوا نبدأ  برد الشهادات التي تنشرها حمله أبو الفتوح في مطبوعاتها وساختار شهاده عبدالرحمن يوسف الشاعر الأكثر تأييدا لأبوالفتوح حيث يقول" سأختار أبو الفتوح لأنه رجل سياسي ورجل دوله ولأنه سياسي شريف مخضرم ويلم بتحديات مصر الداخليه والخارجيه ويستطيع أن يدير عمليه رفع أنقاض نظام المخلوع" انتهي كلام عبدالرحمن يوسف ونأتي للكارثه والفري البين في قوله أن أبو الفتوح رجل سياسه! فما الدليل علي ذلك؟ فالرجل كل علاقته بالسياسه طيله 3 عقود وأكثر أنه كان عضوا بجماعه الإخوان يسير وفقا لأرائها وسياستها ولم نسمع مثلا أنه كان يتولي الملف السياسي بالجماعه وإن كان كذلك فليخبرنا أكرمه الله حتي يتبين لنا الأمر، وحتي الإنتخابات التي خاضها الرجل وكانت علي علاقه وثيقه بالعمل السياسي نجح الرجل نائبا وليس رئيسا وهي انتخابات اتحاد الطلاب بالجامعه وكان رئيسه هو حمدين صباحي المرشح الرئاسي . وطيله حياته المعروف عن أبو الفتوح هو نشاطه الخيري من خلال الجمعيه الطبيه الإسلاميه ولجنه الإغاثه وهو جهد مشكور ولكن لا يمت بصله للعمل السياسي ،وحتي في أثناء عضويته بالإخوان لم ينتخب عضوا بمجلس الشعب مثل عصام العريان ومحمد مرسي ومهدي عاكف، ومما أذكره في2005 وضعت جريده الدستور تصورا لتشكيله الحكومه اختارت أبوالفتوح وزيرا للصحه! إذن فالرجل اثبت جدارته في العمل الطبي والخيري بإمتياز وهو الجانب الطاغي علي شخصيه الرجل أكثر من الجانب السياسي.

أما القول بأنه سياسي شريف فهذا الأمر سيرد عليه أنصار أبوالفتوح إذا راجعوا مواقفهم من الإخوان في أكثر من قضيه .. فالجميع ثار لحوار مهدي عاكف في المصري اليوم الذي أعلن خلاله أن الجماعه اتفقت مع قيادات أمن الدوله علي عدد مقاعد البرلمان التي سيفوز بها الإخوان .. ألم تعتبروا هذا أنه نوعا من التواطؤ والخيانه وعقد صفقات علي حساب الوطن ؟ .. فلماذا لم يعترض أبوالفتوح ؟ وفي استفتاء مارس الماضي الذي نذوق الأمرين بسبب نعم .. ظهر أبوالفتوح مترددا فأحيانا يعلن أنه سيصوت بلا ثم ينفي ثم أعلن تصويته بنعم . وهذا رجل قيادي من المفترض أن لديه بعد نظر فهو يعلم جيدا أن مصر ستسلك هذا المسار الكارثي طيله الفتره الإنتقاليه . إذن فأين السياسه الشريفه؟ وأين الإلمام بالتحديات الخارجيه والداخليه؟ وأين الكفاءه في إداره أنقاض المخلوع؟ ألم تزد الفتره الإنتقاليه من تحدياتنا الداخليه والخارجيه؟ ألم تعيد انتاج نظام المخلوع بسبب نعم. اذن فالحكمه كانت أبعد ما يكون في هذا القرار.

ولا يمكن أن ننسي موقف الإخوان من الحوار مع عمر سليمان أثناء الثوره  فخرج أبو الفتوح علي الجزيره أن عمر سليمان شخصيه وطنيه تحظي بالإحترام .. أليس هذا كذبا وتضليلا يا دكتور؟ أين الشرف السياسي والحكمه والتوفيق بين الإنتماء الفكري والدور الوطني في ذلك يا أنصار الدكتور؟
أبو الفتوح رجل رأسمالي بإمتياز وتكاد تكون هذه هي نقطه الإلتقاء الوحيده بين الإسلاميين والليبراليين والمعروف أن العداله الإجتماعيه هي آخر ما تبحث عنه الرأسماليه التي تقوم علي عدم تدخل الدوله في السوق والتي اثبتت فشلها الذريع فأدت إلي حدوث الأزمه الماليه العالميه التي لا نزال نعيش في كنفها حتي الآن . فكيف ننتظر من الرجل أن يحقق العداله الإجتماعيه وهو من أخبرنا أنه ضد الضريبه التصاعديه التي تمثل انتصارا للفقراء. طرح الرجل أيضا في وعوده صرف إعانه بطاله بدايه من العام الثاني لفتره الرئاسه وفق معايير شفافه وعادله .. ولم يقل من أين سيأتي بها وما هي المعايير العادله والشفافه؟ .. ألم تسمع يا دكتور للراحل جلال عامر حين أخبرنا أن مشكله البطاله في مصر لن تحل من خلال الزكاه وهي فكره إسلاميه أو من خلال الإعانه وهي فكره ليبراليه ولكن تحل من خلال توفير التدريب للعاطلين حتي يخرجوا لسوق العمل فيجدوا لهم موطأ قدم.

ومن أطرف ما نجده لدي د.أبوالفتوح هو اتباعه سياسه الترضيه فيخبرنا أنه سيرفع حد الإعفاء الضريبي وسيخفض تعريفه الضرائب لشرائح الدخل المنخفض ولم يخبرنا بالفتره الزمنيه ولا بنسبه حد الإعفاء ولا بنسبه الدخل الذي يعتبره الدكتور منخفضا.

ومن باب إرضاء الأقباط فإن الرجل سيقوم بإنشاء هيئه مستقله لمراقبه ومكافحه التمميز بأشكاله المختلفه ولم يقل لنا هل هي هيئه لحل مشكلات التمييز أم هيئه قضائيه تعاقب من يقوم بالتمييز؟

وفي إطار سياسه الترضيه التي يقوم بها أبو الفتوح يتحفنا بأنه "ليبرالي إسلامي" وهو فيما يبدو تيار سياسي جديد ! فكما نعلم أن الليبراليه تقوم علي العلمانيه وفصل الدين عن الدوله إذن ماذا يعني ليبرالي إسلامي؟!

ويضع أبو الفتوح في صداره وعوده الإنتخابيه الإلتزام بالشريعن فيما يقترح من قوانين وما يتخذ من قرارات فالرجل هنا لا يختلف عن أبو إسماعيل والسلفيين في تطبيق الشريعه ، وأخيرا فمن ضمن كذب أبو الفتوح أنه سينفق علي الحمله من جيبه الخاص ولن يقبل تبرعات من أحد ثم يعود ليعلن أن هناك من باعوا منازلهم لدعم حملته .. فيا ليبراليون ويا يساريون البسوا...